لم يكن الأداء ال14 آذاري منذ نجاح انتفاضة الاستقلال في إنهاء هيمنة النظام السوري وجيشه على لبنان في نيسان 2005، مدعاةً دائمةً للتفاخر. فالتضحيات والصمود في وجه الاغتيالات والعبوات كما في وجه حملات الترهيب والتهديد والتخوين على أهمّيتها، لم تحجب الأخطاء الكثيرة التي ارتُكبت ولا الأوهام والأولويات المتعثّرة التي بُنيت.
مع هذا، وعند كل مفترق واستحقاق، لم يكن لمعنيّ باستقرارٍ وحرّيات وحياةٍ مدنية في لبنان، ولمتمسّكٍ باستقلال ولو بحدوده الدنيا في بلد يفتقد أبناؤه الى الإجماعات الوطنية، إلاّ أن يميل الى الخط العام ل14 آذار، ليس لمن فيها وما لها، بل لما تمثّله من مناخ عام متنوّع ومتعدّد، في وجه معسكر قوامه آلة عسكرية وتنظيمية حديدية بُنِي حولها حزب سياسي ومؤسسات اجتماعية وعقائدية. ولا يغيّر في ذلك، كون هذا المعسكر يملك حيثية شعبية كبيرة، أو أنّ فيه قوى متحالفة مختلفة في تكوينها وثقافتها عن "أخيها الأكبر"...